GuidePedia

0

أمطار السعادة مع أم سعد
تخرجت من الجامعة و الحمدلله بمرتبة الشرف الثانية.. بعدها بشهر تقريبا انهيت أوراقي و عدت الى
السعودية .. لقد كانت آمالي كآمال كل شاب .. أفكر بعش الزوجية السعيد و أبحث عن فارسة أحلامي .. كم
كانت فرحة أمي كبيرة عند قدومي .. ثم بشرتها بتفوقي فلم تستطع منع دموعها فبكت ثم خرت ساجدة لله ..
بكيت و كان موقفا مؤثرا ... مر شهر على هذه الحادثة و في صباح احد الايام دخلت علي اختي و انا اقلب
بعض الأوراق في غرفتي .. رأيت في وجهها ابتسامة كبيرة و كأن كنوز الدنيا في جوفها .. نظرت اليها و
ضحكت لما رأيت البشر يعلو وجهها و انا لا اعلم ما تخفيه لي من مفاجأة .. سألتها عن سبب كل هذا الفرح
فأخبرتني بأنهم يرغبون بالخطبة لي من احدى زميلاتها المقربات و التي تحبها كثيرا .. دار الحديث بيني و
بينها حول زميلتها هذه .. ثم فكرت بالأمر كثيرا و استخرت الله فيها .. فيسر الله لي و تم الزفاف بعد عشرة
اشهر ... في الحقيقة كانت زوجتي ام سعد امرأة لطيفة جدا و خفيفة ظل .. و كانت و لله الحمد تتحلى
بالاستقامة على الدين و تحفظ كتاب الله .. كانت ودودة لطيفة جميلة ظريفة .. لم تصل خيالاتي يوما من الايام
لمثلها .. فالحمدلله الذي اقر عيني بمثلها ... عشت معها اياما جميلة رائعة و كنا نطبق فيما بيننا قاعدة " اذا
غضبت رضيني و اذا غضبت رضيتك " ... بعد شهرين من زواجنا راجعنا احد المستشفيات انا و ام سعد ..
دخلت ام سعد الى الطبيبة للكشف و بقيت انا خارج الغرفة بانتظارها .. فتح باب الغرفة فخرجت الممرضة و
نادتني ثم اخبرتني بأن زوجتي حامل ففرحت فرحا شديدا و لم يقر لي قرار فطفقت اسعى في الممر ذهابا و
ايابا انتظر زوجتي الغالية تخرج لأهنئها و أكحل عيني بها ... بعد عدة اشهر اقترحت علي ام سعد ان نذهب
إلى السوق لنشتري أغراض مولودنا الجديد فهي الان بالشهر الثامن و ما بقي الا شهر تقريبا على
الولادة .. ذهبنا الى سوق المجد .. دخلناه و كانت يدي بيدها ثم اتجهنا الى احد محلات ملابس الاطفال .. فلما
خرجنا منه تعرقلت زوجتي بعربية احد الاطفال فسقطت على جانبها الايسر .. هرعت اليها فسميت عليها ثم
ساعدتها بالنهوض ..سألتها "هل تحسين بألم ؟" .. فهمست بأذني "بطني يؤلمني بشدة ياأحمد" ثم زفرت
تعبيرا عن شدة الألم .. فأخذتها بسرعة الى مستشفى الحمادي ثم جلست على في خارج الغرفة انتظرها .. رن
هاتفي الجوال فنظرت فاذا هي زوجتي .. رددت و كان صوتها ضعيف جدا و ينبئ عن آوجاع شديدة
تنتابها .. اعتصر قلبي الالم واطرقت برأسي للاسفل رحمة بها فانحدرت من عيني دمعة لطالما حاولة منعها
مرارا و لكنها ابت الا الخروج من عيني و تدحرجت على خدي .. ذهبت الى استراحة الرجال و بقيت هناك و
طفقت ادعوا الله لها بالشفاء و العافية .. رن هاتفي مرة اخرى فنظرت اليه فاذا هي امي الحنونة حفظها
الله .. رددت عليها فقالت لي " فيك شئ يا ولدي ؟" .. قلت " ليه يا يمه الله يسلمك ؟!!!! .. مابي الا
العافية " .. قالت :" لا و انا امك .. قلبي عورني و حسيت ان فيك شئ " .. اندهشت و تعجبت اشد العجب و
قلت :" اجل دامه كذا .. فأنا اللحين بالمستشفى لان ام سعد طاحت بالسوق و ان شاء الله انها طيبه و ما
نبغى الا دعاك " .. طال وقت انتظار تقرير الطبيبة عن حالة زوجتي فمكثت على اعصابي لا يهدأ لي بال و
بقيت اتساءل هل هي على ما يرام ؟ .. بعد نصف ساعة خرجت الطبيبة من غرفة زوجتي و قالت لي :"
يمكنك الان الدخول للاطمئنان على زوجتك " .. دخلت مسرعا فسلمت على زوجتي و كانت و لله الحمد و
المنة في صحة جيدة و لم تتأثر كثيرا .. مضت لحظات قليلة و اذا بباب الغرفة يطرق .. فتحته فاذا هي
والدتي اتت للاطمئنان على زوجتي فانفرجت أساريري و قمت اقبل امي و اشكرها على مجيئها و قلت في
نفسي " سبحان الله .. دائما ابقى صغيرا في نظرها و اتت للاطمئنان علي " ... بعد ذلك قرر الاطباء ان تبقى
زوجتي لديهم الى الغد حتى لا يتأثر الجنين .. و في الغد أتيت لزيارتها .. فلما دخلت المستشفى أحببت ان
افاجأ زوجتي بهدية .. فدخلت محل الهدايا في المستشفى و بينما انا اتجول فيه و ابحث عن الهدية المناسبة
اذا برجل كثيف اللحية و وجه مشرق ينظر الى بابتسامة جميلة و كأنه يعرفني و معه طفل و بجانبه زوجته ..
بادلته الابتسامة نفسها و أحببت ان أصافحه لكن استحييت ان احرجه لان زوجته بجانبه .. التفت الى الجهة
الأخرى لأختار هدية زوجتي .. اذ بصوت من خلفي يقول : " السلام عليكم " .. التفت فاذا هو ذلك الرجل
فقلت " و عليكم السلام" ثم تصافحنا و سلم علي سلاما حارا و كأنه يعرفني من قبل ثم قال لي و هو يقدم لي
ابنه :" هذا أحمد " .. فنظرت الى ابنه ذو الأشهر الستة جميل وديع لطيف فقبلته و قلت :" ما شاء الله ..
الله يصلحه و يهديه " .. فناولني ابنه و قال لابنه و هو ينظر اليه :" رح مع سميك " .. حقيقة لا اعرف هذا
الرجل من قبل و لا اذكر اني رأيته فتعجبت من تصرفه اللبق معي ثم بلغت مني الدهشة اقصاها عندما قال
لابنه "رح مع سميك " فكيف عرف هذا اسمي ؟ كنت اقول ربما كان مشتبها بي بشخص يعرفه , لكن اراه
يعرف اسمي .. أمسكت ابنه و بدأت اقبله كل هذه الأفكار تتعارك في رأسي و انا اضحك و الدهشة تعلوني ..
فنظر الى الرجل و ضحك ثم قال : " شكلك مستغرب وشلون عرفت اسمك " .. ضحكت و ارتحت قليلا لانه
عرف ما يدور في خلدي و قلت :"ايه صحيح لأني ما اذكر اني شفتك " .. قهقه بلباقه جمة ثم قال لي :"
تصدق أنت أكثر واحد اغار منه !! " .. اتسعت دائرة عيناي و انا انظر اليه باندهاش و أقول في نفسي :"
الله يستر .. وش دخلني انا " .. ثم أكمل فقال :" ذبحتنا هذي المرأة فيك حتى الولد سميناه على اسمك " ..

حقيقة انا انقلب رأسي و اصبحت اتنقل بين الألغاز و الاستفهامات و علامات الدهشة لا تفارقني .. فضحك
كثيرا على منظري و حالتي ثم قال لي :" شف هذه المرأة " .. فنظرت فاذا امرأة متحشمة متسترة لا يكاد
يخرج منها شئ .. فالقفازات تغطي كفيها و عباءتها واسعة تغطي تقاسيم بدنها .. حقيقة كانت قمة في الستر
حتى انك لا تكاد تعرف وجهها من ظهرها .. ثم اكمل حديثه فقال :" دخلت انا و اياها المستشفى فلما رأتك
قالت هذا هو احمد .. و سبحان الله كانت دائما ما تقول ( يا رب وفقني و اجعلني ارد الجميل لأحمد ) .. فهي
التي قابلتها عند مدخل السوق في باريس و نصحتها ثم انك انقطعت عنها فجأة و هي من ذلك اليوم و هي
قلقة عليك و تدعو الله لك بالسلامة وان تراك بصحة و عافية " .. عقدت الدهشة لساني و بقيت واجما لا
اهمس ببنت شفة .. فضحك ثم قال :" الظاهر انك لم تصدق قولي !!!" .. فقلت :" الا .. لكن ؟؟؟!!!!!" ..
عانقني بحرارة ثم قال " اعطني رقم جوالك و سأتصل عليك اليوم لنجلس سويا و نأخذ أخبارك .. اظن ان
زوجتي احترقت اعصابها و هي تنتظرني لتسمع الاخبار " .. اعطيته رقم جوالي ثم ودعته بابتسامه واسعة
تعلوها علامات التعجب و الاندهاش .. انصرف عني و كدت انسى هدية زوجتي لولا ان بائع المحل قال لي "
ايوه بابا " .. تذكرت عندها اني جئت لاشتري هدية لزوجتي فاخترت هدية كبيرة ثم صعدت الى غرفتها ..
سلمت عليها ثم ناولتها الهدية ففرحت بها كثيرا ثم جلست بجانبها و كنت كمن أجر عقله و فكره و ذهب
بجسده فقط ... دخلت الممرضة علينا ثم ناولتني تقريرا يسمح لزوجتي بالخروج معي .. فأخذتها ثم اتجهنا
الى بيت اهلها لترتاح عندهم و اعود اليها في المساء ... بعد صلاة العصر رن هاتفي الجوال فاذا به ابو
احمد ذلك الرجل الذي قابلته هذا اليوم .. رددت عليه فسلم ثم قال ان زوجتي تدعوك اليوم الى العشاء و لا
تسمح لك بالرفض الا اذا كان هناك عذر شرعي .. تلعثمت محاولا الرفض لكن ام احمد اقفلت كل سبل
الاعتذار فقبلت دعوتها .. بعد صلاة العشاء ذهبت الى البيت حسب الوصف فلما وصلت اليه خرج لي ابو
احمد و استقبلني بكل حفاوة و ابتسامته تملأ وجهه الوضيء .. ادخلني الى المجلس و كان بيته جميلا و
انيقا .. تناولنا القهوة ثم بدأنا بالحديث .. قال لي :" ام احمد الى الان مستغربه ليه انقطعت عنها يوم انتم
بباريس .. وش صار لك ؟" .. ضحكت و قلت له :" اللحين انا جاي ابي اسمع قصتها منك و بعدين اقولك
وش صار لي .. لاني ما عندي صبر انتظر الى ان اقولك وش صار لي .. فابدأ انت و ريحني و اقولك اللي
تبي " .. ضحك ثم قال :" تامر أمر .. انا امام المسجد المقابل لهذا البيت .. ذات يوم كنت في درس اسبوعي
لأحد العلماء و بعد الدرس دعاني الشيخ لوحدي و قال لي هل انت متزوج ؟ .. قلت : لا .. قال : هل ترغب
بالزواج من زوجة مستقيمة و نحن نساعدك في تكاليف الزواج .. فقلت : جزاك الله خيرا يا شيخ لكن ابنة من
تكون ؟ فذكر لي ام احمد و قال لي انها تدرس في احدى دور تحفيظ القران بالرياض .. و انها اختراتني
لأبحث لها عن زوج صالح فوقع اختياري عليك ... فرحت بهذا الخبر ثم أرسلت اختي لتراها و بعد شهر تم
الزواج بيننا .. و بعد زواجنا بشهرين جلست معها و اخذنا نتجاذب اطراف الحديث فقالت لي ام احمد قصتها
معك ثم انك انقطعت عنها فجأة فعادت الى الرياض و اتصلت على احدى زميلاتها المستقيمات و طلبت منها
مصاحبتها و رغبتها في الاستقامة ثم ألتحقت بدور تحفيظ القرآن و صارت لا تترك أي محاضرة او دورة
علمية او ندورة الا بعذر شرعي و اصبحت و لله الحمد من طالبات العلم و مدرسات القرآن و مربيات الفتيات
نحسبها صالحة تقية نقية و لا نزكي على الله احدا .. و كانت دائما ما تذكرك و تدعو لك و تأمرني بالدعاء لك
فما غرت من احد ابدا مثل غيرتي منك .. فلما رزقنا الله بالمولود الأول و كان ذكرا رجتني رجاءا ان اسميه
على اسمك فقد علمت ان اسمك ( احمد ) من اسم ايميلك .. فزادت غيرتي عليك .. و لكن ما زلت الى يومي
هذا ادعو لك لانك دللت زوجتي على طريق الهداية و اشهد الله اني لم ار قط مثل زوجتي خلقا و دينا و ادبا
و احبها حبا عظيما فأحمد الله ان جعلها زوجتي " .. عند ذلك قاطعنا صوت رنين جواله .. فقال لي " معذرة
هذا اخي .. و لو كان احدا غيره لما رددت عليه لاني لا اريد ان افرط بدقيقة واحدة في وقت جلوسي
معك " .. أخذتني الأفكار و هو يهاتف اخيه .. فالتفت الي فجأة و هو يقول :" يسلم عليك اخي و يقول وش
نسمي البنت ؟ جاهم مولودة و نبغاك تختار لها اسم ؟" .. ارتبكت و قلت :" و الله ما ادري .. على
كيفكم !!!" .. فقال :" اختر لنا أي اسم تحبه ؟ اخوي و زوجته يقولون ما يسميها الا انت .. قلت :" و الله ما
ادري لكن اذا ملزمين خيروني بين الأسماء اللي مرشحينها و اختار لكم اسم " .. فقال لي ابو احمد " فيه :
اروى و شذى .. وش رأيك ؟" .. قلت :" كلهن حلوات .. لكن انا اختار شذى " .. فقال ابو احمد لأخيه
فقالوا " خلاص نسميها شذى و على بركة الله " ... ثم اغلق ابو احمد هاتفه و التفت الي فقال :" هذا اخي
الذي يصغرني تزوج من اخت زوجتي " .. قلت له بسرعة " ماذا قلت ؟!!! من اخت زوجتك؟ " .. فقال و هو
يضحك " نعم .. ابشرك استقامت على دين الله مع اختها بعد عودتها من باريس بشهر و أصبحت معها تدرس
القران في دار التحفيظ .. و هي كذلك مثيلة اختها في اخلاقها و ادبها و الحمدلله .. و لقد استشارني اخي
في الزواج منها فقلت له استعن بالله و انكحها فوالله ما رأيت من اختها الا كل خير بل ما رأيت قط مثل
اختها ... و تم الحمدلله الزواج بينهما و بالأمس رزقهم الله بمولودتهم الاولى .. و عندما قابلناك انا و
زوجتي كنا ذاهبين لزيارتهم و اخبرناهم بأننا رأيناك ففرحوا بذلك واتفقوا على ان يجعلوا اسم ابنتهم على
ابنتك او من اختيارك " .. انفرجت اساريري و قمت احمد الله على ان من علي برؤية هاتين الفتاتين معلمات
للقران صالحات مصلحات ثم سجدت سجود الشكر و حمدت الله على ان وهبني محبة الناس لي و القبول من
عباده .. ثم التفت اليه و قلت له :" اكيد انك متشوق لسماع ما حدث لي في باريس يوم انقطعت عن
زوجتك " .. فقمت اقص عليه قصتي و ما حدث لي حتى اتممتها ... تناولنا العشاء ثم خرجت من عنده و قد
اخذت منه المواعيد و المواثيق على زيارتي هو و ام احمد و اخوه و زوجته في الايام المقبلة ... ركبت
السيارة و ودعته ثم اتجهت الى بيت اهل زوجتي و اخذتها معي و ذهبنا سويا الى البيت .. كانت اسارير
وجهي منفرجة و كنت احمد الله ما بين كل فترة و اخرى و اغرق زوجتي بالتدليل و التغنج حتى لا تثير
تائرتها من الغيرة .. و بعد ان وصلنا الى البيت ذهبت الى غرفتي لأبدل ملابسي ثم جاءت زوجتي فجلست انا
و اياها على زاوية السرير و بدأت احدثها بما حصل لي هذا اليوم .. كنت مندهشا و مسرورا و متعجبا لما
حدث .. و احدثها بكل حماسة و فرح و ابتهاج .. فلما بدأت اصف لها ستر ام احمد و حشمتها قامت من
عندي و ذهبت لتجلس على كرسي تسريحتها .. اكملت حديثي و كأن شيئا لم يكن لأني اعرف ام سعد و
غيرتها .. استمريت في الحديث فلما اخبرتها انهم طلبوا مني ان اسمي ابنتهم الجديدة إلتفت علي بكرسيها
الدوار و حدقت في النظر و الغضب يملأ عينيها ثم قالت :" الحمدلله ما عندهم بنت ثالثة " ... عندها لم
اتمالك نفسي من الضحك فاستلقيت على السرير و انا اقهقه و اقول ( ان كيدكن
عظيم ) .............................

إرسال تعليق

salafeka.blogspot.com

 
Top